لن تنام في خلدي

Thursday, August 18, 2016

 يا لجمال المكان هذا ... حقاً إنها الشيءُ الموعود الذي انتظرته .....لقد صدقت يا شيخي  الجليل حينما أرسلتني إلى هنا ...كم أنا ممتنٌ لك .... ليتك الآن معي كي ترى وتشاهد ما أراه ..... ليتك تشتم ما أستنشقه ، لا أستطيع وصفهُ أبداً ، فكل عطور الدنيا لا تضارعهُ من عبير  .... إنها النسائم الزكية التي حدثتني عنها ، ها أنا أشتمها الآن ، رباه ما أزكاها من ريح وما ألطفها من أريج وما أنعمها من نفحات ....
كل شيءٍ هنا يرحب فيني ويحييني دون ذكر اسمي .... يالهُ من طائر سنونو زهي ، إذ يتطاير من حولي وكأنهُ يتراقص طرباً لقدومي .... يالهُ من طائرٍ مشاكس لماذا ياترى يهبط بقوه فوق رأسي وينقرني بعنف ، لعلهُ بذلك يرحب بي لا أدري ... أوه لقد جاء أكثر من سنونو ، دعني أعدهم ... واحد اثنان وذاك الثالث وهاهو الرابع ، ثمة خامسٌ قادم بقوه .... رباه مابهم يقصفون رأسي بمنقارهم الحاد وجميعهم يهبط بعنف نحوي و وجوهم غاضبه جدا ، ماهذا الترحاب الشاذ .... علي أن أهرول بسرعه لقد صاروا  سبعه .... حان وقت الفرار بقوة  .... 
الحمد لله لقد ابتعدتُ عنهم ، يالهم من سربٍ غريب ، رغم زهو ريشهم إلا أن منقارهم حاد ، لقد أدمو رأسي ، علي أن أمسح جرحي بماء ذاك الجدول الرقراق لأزيل الدم هيا لأفعل ....
يا الله ما أجمل هذا النهر وما أصفى لونهُ وما أنقى مائه ، سأتذوف طعمه ..... رباااه ماهذا الطعم هذا ليس بماء بل عسل ، ماهذه النكهه  التي تستعصي على الوصف  ، يا للذةِ طعمها وجمال ريحها ، أيُ نحلٍ صنعه يا ترى ، اووه لقد نسيتُ الشج الذي برأسي ، عموما هذا العسل لن يوقفه، سأذهب لذاك الجدول البعيد أظن أن خريره يوحي على أنهُ ماء لأذهب هيا  .....
ربي ما هذه الطبيعه التي تأطرني ، أحقاً هذه حقيقه أم خيال ، العشب الندي الذي تحتي كأنه ريش نعام والمروج الخضراء التي حولي لا أستطع وصفها البته .... ها قد وصلتُ للجدول و سأمسح دم رأسي حالاً....
لكن لونهُ غريب جداً ، ورائحتهُ زكيه ، سأتذوقه  ..... مالي لا أستطيع الشرب ، لكني أجزم بأنهُ لذيذ جداً..... ولربما طعمهُ شيءٍ لا أعرفهُ أبداً  ....... والآن سأنسدحُ على ظهري على ضفة هذا النهر العجيب .... يالها من شمسٍ غريبه دافئه وحنونه وباردة بذات الوقت !! ما أكبر حجمها وما أجمل منظرها ، شعاعها يداعب جسدي بحنان ، ما ألذهُ من شعور كأنها دغدغات خفيفه تتغلغل بجسدي ، سأستمتع بها وأجعلها تغزو جسدي، هيا تغلغلي أيتها الأشعه بجسدي   ....
لكن أين سكان هذا المكان يا ترى ، لما هي خاويةٌ على عروشها رغم جمال هذا المكان ، ألا من ساكنٍن هنا ! ...       لا يهم المهم أني أستمتع بهذا المنظر الساحر وحدي وقد ملئت بطني عسلاً ومن هذا الشيء اللذيذ الذي لم أتذوقه..... أسمعُ صوت حفيف أقدام قادمة نحوي .... تخميني يقول أن جمال صوت القدم القادمة تجاهي توحي على أنها حسناء فاتنه.... يا الله ماهذا الملاك الأنثوي الذي أمامي ..... عفواً عفواً سيدتي ههههه ملابسي ملطخه بالسواد ورائحتها بارود صدقيني أنا أنيق جدا لكن فعلت ذلك كي أصل لكن وكنت واثق أني سأراكن هنا .....
لا تقلق فأنا لست مهتمه بملابسك أنا هنا لخدمة أصحاب هذا المكان بغض النظر عن لونهم وملابسهم وحالتهم ... قل لي هل أعجبك المكان هنا ....
جداً أبعد من الخيال ، ويالكِ من حسناء لا يصفها كلام ولا تحيطها أطيافُ الأفكار  .....
لست وحدي هنا بل معي تسع وستون فتاه تضارعني جمالا وأنوثه سُخرنَ لمن فاز ....
لقد صدق شيخي إذا ... لقد صدق شيخي ..... وأنتن من نصيبي إذاً .... لقد فعلت كل هذا كي أقابلكن وها قد تحقق مرادي .... قولي لي بحق السماء ما هذا النهر الغريب .....
تقصد هذا ، إنهُ نهرٌ من خمر لذة للشاربين .
لكني لم أستطع الشرب منهُ ، فلم  لم أستطع ....
ستعرف ذلك فيما بعد  ....
قولي لي هل ستكونين ورفاقكِ لي وحدي ....
نحن هنا لخدمة ساكن هذا المكان بما يريد وكيفما يشاء ....
وأنا الآن ساكن هذا المكان ، فهل تكونن لي ....
 لا تلمسني ولا تهجم علي لن تنالي بعد  ... أخبرني كيف وصلت لهنا ...
ألا ترين شكلي وحالتي ... ألم تسمعي دوي الصوت القوي الذي حدث منذ قليل ....
فهمت الآن أنت إذا صاحب هذا الحدث  ..... وابتسمت بمكر.
نعم أنا من فعل ذلك ، لقد قال لي شيخي الجليل أن السبيل للوصول إليكن هو ما فعلته قبل قليل  وها أنا قد وصلت ... هيا دعيني ألمسكِ وأتحسس بيدي جسدكِ ، فكلي شوقٌ لذلك ....
ما بالُ رأسك ينزفُ بشدة ....
آه لقد نسيت الشج الذي برأسي ... لقد نقرني سبع سنونوات عند دخولي أرضكم هذه ، لقد ظننت بادئ الأمر أنهم يرحبون بي ، لكن فجأه هجمو علي مجتمعين وأخذوا ينقرون رأسي بقوه وهم غاضبون .....
أتقصد ذلك السرب الذي فوق تلك الشجرة هناك.....
نعم نعم إنهم هم ... وحينما دققت النظر جيداً صدمت وذهلت .... يا رباه مستحيل ما الذي أراه ، أظن أنها تراكم صور قديم ... هذا الجمع أعرفهُ جيداً ، ما الذي جاء بهم لهنا ، أظن أن عددهم أربعه عشر شخصاً .... يا للهول كيف لهؤلاء الأوغاد الكفرة أن يدخلوا  هذه الأرض الموعوده ، إنها لي ملكي فقط ، وشيخي أخبرني بأن الكفرة لا مكان لهم هنا  ، وها هم يغتسلون بالنهر وهم يضحكون وفرحين ، ما الذي جاء بهم لهذا المكان أليس كذلك أيتها الحوراء ! ..... رباه أين ذهبت الفتاه .... ألم تكن بحذائي قبل لحظات  ...... أين إختفت حسنائي....
يا حورائي  أجيبي أين أنتِ .... يا حورائي ....

وفجأةً وبلحظات غريبه جدا يصبحُ الماضي فيها مستقبلاً... والمستقبل هو الآن ، وكأنني في إفعوانه عملاقه جدا تنقلني من القمة للقاع خلال أجزاء من الثانية ... اذ أرى فيها الأسفل حينما أنظر للأعلى والعكس صحيح !  شيئ يشبه المستحيل الذي لا يوصف .... حيث تتحول الأشياء للاأشياء وتستمر الأفعوانه بالدوران وهي تخرجني من مكاني لقوة دورانها ، أحاول التشبث بأي شي ... كلا ... كلا ... لا أريد الخروج من هنا .... كلا ... يا حوريتي أنقذيني .... كلا كلا كلا .... اتركوني لها واتركوها لي .... كلا لا أريد الخروج أناشدكم الله  ....
وفجأه صرت في مكانٍ موحش مخيف مفزع حار جدا جدا ... وثمة شخصٌ مخيف مرعب قبض عليَ   من رقبتي وقال لي أن إسمهُ (مالك) لا أستطع النظر إليهِ من شده منظره المرعب ومن شدة الحرارة الفظيعه حولي  .... صوتهُ أشد رعباً من منظره ...
بالله عليك أين تسوقني يا مالك أرجوك أجب ...
أقودك حيث مكانك المستحق الذي وصلت إليهِ بعملك .....
مالك ... مالك .... لا .. ربما أنت مخطئ منذ ثوانٍ كنت معها وقد شربتُ من نهر العسل ورأيتُ نهر الخمر ، وشممتُ رائحة الجنة ... أنت مخطئ يا سيدي ، لربما تشابه أسماء أو أشكال .... أرجوك أريد العودة لها ، أريد أن أنام بخلدها أرجوك يا مالك ، لقد قتلت نفسي لأجلها ....أرجوك لا تشد قبضتك على رقبتي تكاد أن تقطعها بيدك .....
كلا ..كلا ..لا ..لا تفتح هذا الباب أرجوك .... شيخي لم يخبرني بذلك  ... أنت مخطئ يا سيد مالك أنا لست من سكان هذا المكان أرجوك ....
وبيده القويه فتح (مالك) باب جهنم وقبل أن يقذفني بأتونها وهي تزمجر ناراً وزمهريرا قال لي : لقد أريناكَ مكانهم الذي ظننتهُ أنت بأنهُ لك ، والآن هيا اخلد في سقر للأبد يا لعين ، وانتظر فيها من أوصلك لهنا .

لا أعلم إن كان من أوصلهُ لسقر قد علم بما حدث له، أو ربما يعلم هذه النهايه ولكن دون الخوض بالتفاصيل السابقه ، عموماً لقد نال جزائه وحسب ، وحتى تكتمل دائرة الحقيقه علينا أن نقرأ الخبر التالي بصحيفة هذا الصباح ....

أقدم يوم أمس أحد الإنتحارين على تفجير نفسه داخل مركز تجاري ، حيث ذكرت الأنباء أن حصيله الضحايا وصلت إلى ٢١ شهيد، أربعة عشر شخصاً بالإضافه إلى سبعة أطفال ، وترجح الجهات الأمنية أن منفذ العمليه استخدم حزام ناسف كان يضعه تحت ملابسه ، وقد تم التعرف على منفذ الهجوم والذي  ينتمي لمجموعه يقودها أحد المتطرفين والذي يقوم بتجنيد الشباب وغسل عقولهم عبر فتاوي مخادعه لتنفيذ تلك العمليات الإرهابيه الجبانه.

                                            سعد بريدي

0 التعليقات:

Post a Comment

من أنا

Rasha Khalifa
View my complete profile

Blogroll

 
© جميع الحقوق محفوظة |Study with us sPRk